
رام الله-الدائرة الإعلامية-2-9-2012 تنعى أسرة وزارة التعليم العالي معلماً أساسيا من معالم التعليم العالي الفلسطيني الدكتور جابي برامكي الذي انتقل إلى رحمة الله يوم الخميس الماضي، وقد شُيع جثمانه عصر البارحة 1/9/2012 في مدينة رام الله وفي موكب غفير شارك فيه المئات من الأكاديميين والتربويين والباحثين وممثلي السلطة الوطنية الفلسطينية والمؤسسات الحكومية والأهلية والمدنية والهيئات والمجالس المحلية والأجنبية، وأسرة جامعة بيرزيت ممثلة بمجلس الأمناء والإدارة والكادر التعليمي الإداري والخدمي والطلبة. ولا غرابة في ذلك، فقد تخرج من كلية بيرزيت سنة 1946، وعمل مع فريق على تحويل الكلية إلى جامعة في أوائل السبعينات، بعد أن درس البكالوريوس والماجستير في الجامعة الأمريكية في بيروت، والدكتوراه في جامعة مكجيل في كندا، ثم ترأس جامعة بيرزيت بالوكالة من عام 1974 حتى 1993 أثناء إبعاد رئيس الجامعة الدكتور حنا ناصر من فلسطين، وبقي حتى وفاته عضوا فاعلاً في مجلس أمنائها. وقد أفنى شبابه في خدمة الجامعة، حريصاً على تنميتها، وحامياً لها من سياسات الاحتلال وقوانينه التعسفية، ومدافعاً عن كادرها وطلبتها من الاعتقالات والتهم العسكرية، وصانعا البدائل التعليمية حالة الاغلاقات الجامعية.
ولم يكتفِ بخدمة جامعة بيرزيت وتطويرها فقط، ولم ينظر نظرة انفرادية أبداً، بل كان شمولياً وحريصاً على رفع مستوى التعليم العالي على مستوى الوطن، فقد كان من مؤسسي مجلس التعليم العالي الفلسطيني عام 1977، وعضوا فاعلاً فيه، حيث تولى المجلس عملية الإشراف على التعليم العالي ككل وتمويله ومواكبة نموه وتطوره. ولعب المرحوم دوراً مهما في ديمومة التواصل بين المجلس وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية في الخارج.
وجسّد مشواره الشمولي للنهوض في التعليم العالي ومؤسساته عند تعينه مستشارا في وزارة التعليم العالي عام 1994، حيث ساهم في صياغة إستراتيجية التعليم العالي العشرية والإستراتيجية التمويلية ومسودة إستراتيجية العلوم والتكنولوجيا، وفي بلورة قانون التعليم العالي رقم 11، وميلاد العديد من الأنظمة والتعليمات ذات الصلة بالقانون، وترجمتها على الواقع من سياسات قبول وتعليمات كادر موحد وما شابه، إضافة إلى بناء العديد من علاقات التعاون الأكاديمية والبحثية والعلمية مع جامعات ومؤسسات حكومية عربية وأجنبية، وترأس اتحاد الجامعات الفلسطينية- الأوروبية عدة سنوات. مما أثمر في بناء العديد من علاقات التوأمة وعلاقات التعاون البحثي والأكاديمي والمنح لعشرات الموظفين والطلبة. وبقي د. برامكي عنصراً مشعاً في الوزارة حتى تقاعد عام 2005. أثناء عملنا معه في الوزارة، كان مثالا للمعلم والموجه الحنون والغيور، يصحح أخطاءنا اللغوية عند الكتابة باللغة العربية أو الانجليزية كعاملين وموظفين، ويعلمنا كيف نتعامل مع الهيئات الأجنبية والممولين، وأسلوب إيصال المعلومة والتأثير فيهم، وتوجيه دعمهم المادي لما فيه مصلحة التعليم العالي ومؤسساته.
ولم تنقطع العلاقة مع الدكتور جابي بعد تقاعده من الوزارة، فقد جمعتنا به لقاءات كثيرة في ورشات عمل ومؤتمرات وندوات، وكان دائما يسأل ويوجه ويتابع وكأنه على رأس عمله.
رحمك الله يـــا د. جابي يـــــا فقيد التعليم العالي الذي لن ينساك.